أخبار محليةمقالات وتحليلات

التعليم أولاً / أحمدسالم ألفغ عبدالله

هلا ريم الإخباري: تقدّمت الدول في العالم بفضل تعليمها فحقّقت بذلك القوة والازدهار والتميّز والريادة والعظمة في قلوب الآخرين ..
وكان عاملا أساسيا في تكوين وترسيخ وحدتها الوطنية رغم الفوارق الاجتماعية و الثقافية ( اللغة – العادات – التقاليد – الأعراف ..)
وظل القسم المدرسي جامعا لكل أطياف الشعب ، فيستفيد كل من لغة الآخر وينهل من معين علمه ويغرف من جميل ثقافته ويستحسن ما وافق من عاداته وتقاليده ، إلا أننا في موريتانيا – بعد منتصف الثمانينات – تقريبا لم يُتح لنا ذلك ” القسم الجامع ” ، فتمايز بعد ذلك القومُ ! وبدأ الاختلاف يظهر على السطح واتسعت الهوة بين الأطراف فكان نتاج ذلك التفرق التباعد في الثقافة حيث أصبح بعض الأطراف يجهل لغة الآخر وهو ما ينتج عنه عدم القدرة على التواصل ، ويستغرب بعض عاداته ، ويستهجن بعض أفعاله .. وهذا ما يشي بالتفرق والاختلاف ، والاختلاف لا أحد يجهل عاقبته الوخيمة على الفرد والدولة والمجتمع .
لهذا التباعد سببان – حسب رأيي المتواضع – السبب الأول يكمن في كون الدولة لم تهتمّ بالتعليم العمومي الاهتمام المطلوب .
والسبب الثاني ظهور بديل لهذا الأول وهو التعليم الخصوصي الذي سدّ بعض ثغرات التعليم العمومي ، وعند هذا الأخير تفرّق القوم طرائق قددا بين التعليميْن ( العمومي – الخصوصي ) حسب الرغبة والإمكانية .
فتوجّه مرتفعو الدخل ومتوسطوه ممَّن لديهم رغبة في التعليم إلى التعليم الخصوصي وبقي الآخرون ( ذوي الدخل الضعيف و الذين لا دخل لهم ) – وهم الغالبية العظمى – في التعليم العمومي وقليل منهم من أفلح فيه خصوصا التعليم العمومي في العاصمة نواكشوط ، إلا أن بعضهم نجح في ذلك وغالبيتهم كانت في التعليم العمومي في الداخل الموريتاني ( عواصم الولايات أو المقاطعات ) حيث يصفو الذهن وتقلّ المنافسة ” الخصوصية ” ويتفرغ أهل التعليم العمومي لتعليمهم ، وفي الداخل هذا ما زال يوجد بعض التقارب نتيجة ” القسم الجامع ” .
ومن هذا المنطلق اتسعت الهوة بين أبناء الطبقات الاجتماعية وزادت الفوارق الثقافية .. لعدم التلاقي واختلاف المشارب فحدث ما يسميه البعض ” الحسد الطبقي ” ، واستفاد – إلى حد كبير – أبناءُ الطبقة الأرستقراطية من التعليم حيث مكّنتهم ظروفهم المادية من التعلُّم في مدارس متخصصة كما تمكنوا من إتقان بعض اللغات الأجنبية في ديار أصحابها ( السفارات – المراكز الثقافية ) ، وحتى الدراسة في الخارج ، كلها كانت عوامل ضمن أخرى ساعدت على زيادة حظوظهم في التعيين إلى جانب قرب أهليهم من مكان النفوذ ” الحكومة ” ما يعني بالنسبة لهم ” الدراسة + الوساطة ” ، وقد يُعين منهم من لم تكن لديه إلا الأخيرة وقد يستفيد الآخرون – قليلا – من ذلك بدراستهم وتميزهم ، والأغلب شفعت لهم انتماءاتهم السياسية .
وكان لأبناء الطبقة الأكثر انتشارا ( ذوي الدخل الضعيف و الذين لا دخل لهم ) خيارُ التميّز والاجتهاد في التحصيل .

فوارق جسدتها أمور عدة وكانت الدولة مسؤولة عن بعضها ، ويمكنها التغلب عليه إن سعت في إيجاد تعليم واحد متميز يجتمع تحت قبته الموريتانيون بأطيافهم وفوارقهم الاجتماعية فيشربون كؤوس الشاي ممزوجة بالقهوة ، فتتقارب الأفكار والرؤى ، وتتآلف الأرواح ، وتتعانق الأجساد ، وتتَّحد الأيدي فنبني مجتمعاً ملؤه السعادة والمحبة والتسامح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى