أخبار محليةمقالات وتحليلات

حتى لا يظل الباطل حقا

هلا ريم الإخباري: في بحر عام 1967 استدعت الحكومة الموريتانية السياسي الراحل والمثقف البارز احمد باب مسكه عليه رحمة الله من الولايات المتحدة الأمريكية الي انواكشوط ثم وضع في السجن فور وصوله بتهمة تتعلق بالتسيير اثناء مهمته الدبلوماسية بامريكا ، حين استدعي احمد باب رحمه الله اتصل بصديقه ( والدي محمد ولد الشيخ ولد احمد محمود ) رحمهم الله جميعا يطلب منه ان يستقبله بالمطار وان يوفر له بمنزله مكان إقامة ريثما يتدبر أمره

لكنً الحكومة علمت بطلب أحمد باب وارسلت لمحمد تطلب منه عدم الاستجابة لمطالب أحمد باب لكن رد محمد رحمه الله كان فيه شيء من عدم اللين فقال لرسول الرئيس المختار عليهم جميعا رحمة الله : إن علاقته بالحكومة تنتهي بنهاية وقت الدوام وأن شؤونه الخاصة وعلاقاته العامة لا شان للدولة بها ولا ينبغي لها التدخل فيها وإن حاولت أو ارادت فهو لن يقبل ولن يسمح ، وفعلا قام باستقبال صديقه احمد باب وبين المطار ومنزل محمد اقتاد الدرك احمد باب الي المعتقل

وقد صدر علي اثر ذلك منشور وزع في أغلب مناطق العاصمة وشوارعها يدين الاعتقال ويندد بما فعلته الحكومة ( المنشور بحوزتي نسخة منه ) ، وعلي خلفية هذا المنشور رأت الحكومة أن محمدرحمه الله ربما يكون له دور فيه ، رغم انه لا علم له به وبشهادة اللذين كتبوه ونشروه وقد صرحوا بذلك ولا زالوا يصرحون وهم اليوم احياء والحمدلله -اطال الله في أعمارهم -وقد قامت الدولة بناء علي ظنها المذكور بفصل محمد رحمه الله من وظيفته مع مجموعة من المقربين منه ومن احمد باب من بينهم وزراء ومدراء وموظفون سامون منهم : كان أليمان -سي ابراهيما -يحي ول منكوس -عبدالله ولد سيديا-يال فاضل ، وآخرين رحم الله من رحل منهم واطال عمر من بقي ورزقهم الصحة والعافية

ووجهت لهم كذلك تهمة ارتكاب ( خطإ جسيم ) fote grave , وبناء عليه وعلي مرافعة قانونية مكتوبة قدمها مدير الشغل آنذاك كامرا صيدي بوبو حكمت عليهم المحكمة بالفصل من الوظيفة العمومية ودون اَي حق قانوني من حقوقهم ،كما عينت الحكومة لجنة للتحقيق والتأديب برئاسة وزير التعليم السابق والإداري المعروف ( حسني ولد ديدي ) حفظه الله وهنا اصل الي الغاية من كل هذا السرد الطويل للأحداث

حيث ان الوالد رحمه الله كانت تأتيه وتأتينا اخبار مفادها ان كل ما حصل لمحمد رحمه الله من ظلم وأخذ للحقوق وفصل من الوظيفة كان بسبب التقرير اللذي تقدمت به هذه اللجنة وان رئيسها اَي الاستاذحسني هو السبب وراء كل ذلك وأنه أغري الحكومة والرئيس المختار بالوالد محمد وانه ينوي للرئيس المختار شرا ويعتزم ربما فعل شيء ضده، وبعد اطلاعنا اخيرا علي الملف وكل اوراقه وما صدر بشأنه فقد وجدنا الامر علي عكس ذلك

بل كان تقرير الاستاذ حسني قد ذكر بالحرف الواحد: ان محمد بري ء من كل تلك التهم اللتي وجهت له وأنه علي قدر عظيم من النضج والكفاءة والوعي وعلي نفس القدر من الشجاعة والصراحةيقول حسني وقد استمعت اليه علي انفراد وما تحصل لدي الا ما ذكرت لكم وان محمد ممن تحتاجهم الدولة ولا غني لها عنهم لكفاءته وخبرته وإخلاصه وانني يتابع الاستاذ حسني في تقريره اثق ببراءته وانصح الدولة بالتمسك به والعض عليه بالنواجذ.

وعليه فقد اتصلت هاتفيا بالأستاذ المحترم حسني وأبلغته بكل ما كان يقال لنا وللوالد رحمه الله وماتوصلت اليه من الحقيقة المثبتةوشكرته علي مهنيته وكفاءته وأمانته في تأدية وظيفته ، وأنه اَي الاستاذ حسني ليست له اَي صلة من اَي نوع بمحمد رحمه الله لا صداقة ولا قرابة ولا حتي قبيلة او جهة جامعة وإنما كتب ما كتب وفعل فعل أمانة ونزاهة وكفاءة ولا غرض عنده سوي ذلك ، وبعد حديثي معه أردت ان انشر الامر احقاقا للحق وشهادة بالصدق ونشرا للفضيلة وإرضاءللضمير .

وأختم هنا بخاطرة تتعلق بالرئيس المختار وبخلافه مع الوالد رحمهم الله وأنه لم يكن خلاف عداء ولا كراهية كما يريد البعض تصويره بل هو خلاف في الرأي البحت والنظرة الي المصلحة العامة للبلد إنشاءا ورعاية وضبطا،فمحمدرحمه الله رجل ثوري حتي النخاع شديد النفور من الظلم والطبقية والاستعلاء بكل مظاهره قوي الولاء للضعيف والمظلوم شديد الصراحة قليل المجاملة لا يستطيع معايشة الباطل ولا الظلم والجبروت ولو كلفه ذلك ما كلف وان كان خرط القتاد شديدالصلابة في آراءه ومواقفه

والمختار. رجل دولة وقائدبامتياز يري الأمثل والمنشود ويسعي اليه لكنه يعرف الواقع ويتعامل معه ولا يقفز عليه فخطواته موزونةوان بدت لغيره بطيئةواراؤه حصيفةومدروسة تري الهدف البعيد وتسعي اليه بتؤدة وان تريثت بحكم الواقع وتكالب الأعداء وقلة ذات اليد،، . وهذان النموذجان من الناس والصنفان من الرجال خلافهما أزلي في القديم ابدي الي اخر الدهر ولكل منهما أنصاره ومتفهموه ولكل آراؤه وحججه،.
والذي اجزم به عن معرفة ودراية ان خلافهما اَي ( محمد والمختار) رحمهم الله منحصر في مجال الرأي والاجتهاد. ولا علاقة له بالصراع ولا العداء

بدليل ان محمد رحمه الله ومنذ ان اعتزل السياسة وهجر العاصمة اثر الحادثة المذكورة لم يُذكر عنده المختار الا شهد له بالفضل والصدق والأمانة وحسن الخلق وحب الخير للناس وللبلد ولم يقبل من اَي احد يوما ان يذكره عنده الا بكل احترام وتقدير،،وكذلك المختار فيما بلغني ويكفي ما كتبه عنه في مذكراته( موريتانيا علي درب التحديات) حيث شهد له بالتميز والرقي الفكري وتقدمه في ذلك علي جميع اقرانه اللذين عاصرهم الرئيس المختار وعمل معهم وبدون استثناء ،،.

ومحمد رحمه الله لم يحضر اَي تجمع عام مهما كانت طبيعته او لأي سبب كان لكنه حين قدم الرئيس المختار رحمه الله من منفاه في فرنساقبل وفاته بقليل تعمد محمد ان يزوره وكنت رفقته وحين حضر ترك الرئيس المختار كل من كان في المجلس واقبل عليه بالحديث والسؤال وطوال المجلس ويده في يده وحين هم الوالد بالانصراف قام الرئيس المختار ليودعه وهو في غاية الضعف فهم الحاضرون او اغلبهم بثنيه عن ذلك لضعفه ولكنه قام وهو يستند الي الحائط ويده في يد الوالد رحمهم الله وحين أراد وداعه لم يستطع التفوه باي كلمة وكانت الدموع مغزارة علي خديه وليس له غيرها من حديث والناس ينظرون في مشهد مهيب وقد خيم الهدوء. والسكوت والتأثر علي الجميع ، أهذه صورة متصارعين متنافرين !!؟؟؟، اهذا وداع عدوين !!؟ ،، شخصيا لا اري ذلك …

بقلم ممودولدمحمد ولدالشيخ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى