مقالات وتحليلات

وثـــيقــة المـــواطـــنة وشـــذرات ما بــيـــن السطـــــــور / محمد ورزك مـــــحمــــود الــرازكــــــه رئيس منظمة مرصد الحوار الشبابي لتذويب الفـــوارق الاجتماعـــية

هلا ريم الإخباري: إن الابجــديات في فلسفة المواطنة تستــدعــي من الكل الادلاء بـدلـــوه حتي يجــد ذاتـه في ما يخـــدم الأمــــــن والاستقـرار ويرسخ مفهـوم الموائمة ويدعــم قيام دولة القانون والمساواة والعدل التي تضمن التعايش السلمي بين جميع مكونات الطيف الاجتماعي ( لحراطين – البيظان – الـزنوج – لمعلمين – ازناكه – إيكاوين..الخ) دون حـيـف أو غـبن فالتنوع الإثــنى ثـراء لوحدتنا، فمنذ قــرون خلت والعالم المتمدن يزداد اشفاقا وانشغالا جــراء واقع تختص به مكونة كاملة من المجتمع الموريتاني ” لحراطين” تعــرضت حياة أجيالها السابقة لهـدر دونما حساب، كما عـاني أجــدادها من وطأة العمل القسري والتسخير كأجهزة للإنتاج القبلي والإقطاعي الـذي يعيشون فيه..، واليوم يتـوق أغلب المنحدرين من تلك المكونة الى المنافــذ الكفيلة بتحقيق مشاركتهم الفاعلة في بناء دولة مؤسساتية عاجلا، متذمرين من النسيان واهمال حقوقهم المدنية وتــلاعــــب الحكامات الماضية بترسانة القوانين المتعلقة بالعبودية وآثار الـرق، فان صياغة وثيقة المواطنة تجعلنا في انضواء ذاتي خوفا من تجـرع المرارة وخيبات الامل كما سـلف، إن الـــدعــوة لتطبيــق نظــرية فليسوف “مألتوس” في مسودة وثيقة المواطنة المستوحاة أصلا من نظرية دارويــن في النشوء والارتقاء ” ان تزايــد المــواد الغــذائية يقع حسب متتالية حسابية، وان تــزايد الكائنات الحية يتزايد حسب متتالية هندسية «وبما ان الاستثناء في هذه الحالات يؤكد القاعــدة ( إذا اردت وأد أو افشال أي قضية فأنشئ لها لجان)، إن الانشطار والاخـتلاف وحـول الثـوابت الوطنية لا يعـدوا تضيع الوقت وكسب الرهان، فالأمر يستدعى من كل النخب السياسية والحقوقية تظافر الجهود من اجل الخـروج من المعمعات الجدل العـقـيم.

فالقـراءة المتأنية للتعديلات التي تجري مرارا وتكرارا على وثيقة المواطنة يراد منها رصانة الديباجة وسلاسة التركيب ولطافـة الأسلوب الخطابي بـدءا من المدخل التمهيدي لصياغة الأهداف والمبادئ التي يجب ان تكون عـصا سحرية تـدار المواضيع من حولها لأنها هي عصارة فكر كوكبة الطيف الاجتماعي بكل مكواته وان كان لا يعلو صوت أو يخفت في مسودة الوثيقة و( أروغـــة الصالونات ) إلا حول العبودية، فالحكامة الحالية يجب ان تكون على قدر من النخوة والشهامة في دراسة كل التوصيات التي تشتمل عليها الوثيقة دون الاحتفاظ بها في دروج ورفوف الأرشيفات الرئاسية او جعلها لــوحة رمادية لشجب العبودية والتجارة بالرقيق في إرث القضاء. إن العمل بما تحتويه المسودة في كل المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والقضائية مرصص حسب الأولويات (أولوياتي) وان يكون هنا إقرار بكل الأخطاء التي ارتكبت على مر التاريخ ضد مكونة معينة وانصاف الضحايا وخلق برامج توعـية تلحقهم بالركب الاجتماعي، إن النوايا الحسنة في الصياغة النهاية لوثيقة المواطنة جهد نبيل يجب تثمينه والاشادة بكل من ادلي فيه من قريب أو بعيد ولو شطر كلمة، فنضال مكونة لحراطين ظل عامل محافظة على الوئام الاجتماعي والانسجام الطائفي بسبب الأدجنة الفكرية والـرعـب الأسلموي الناتج عن الفطرة التربوية ولم يكون في أي يوم من الأيام مصدر فتنة طائفية او عـرقية، فالدولة تجعـل من الدين الإسلامي مرجعية لدستورها، الا ان التشريعـات القانونية المتعلقة بالمتون الفقهية فيجب النظر في الافتاءات المتعلقة بالرق والعبودية حتي لا تكون عامل تنـفيــر من الدين الإسلامي لدي الأجيال اللاحقة والقادمة، إن الكفاح الوطني ضد العبودية مر بمراحل تطــور ونمو ابـــــدي خلالها المناضلون دون استثناء المثال الحي في الغيرة و الانتماء للوطن واللهوف الي دولة القانون والمواطنة والديمقراطية، نــزولا عند ايقـــونة النضال وأسطورة الصبر الميثالية “نلسون مانديلا” قائلة: (أسامح وانسيPardonne et oublie)) فالحقوقي القُـــح ما دام يحس بان أفكاره قد بدأت تتسلل سريعا الي أعماق الضمير الشعبي، وانه برغم من العراقيل المؤسساتية فالطريق الي العــدل والمساواة قـد بات ممهدا لقيام أنماط جديدة من العـــلاقات السوية بين الناس الذين غـرس فيهم الشعـور والفخر والاعـتراف بنرجسة العبودية.
ان البؤس الذي يرتفع نيفـــه ووطأته في العبــيد والارقاء وأبناء العبيد السابقين بحــثا عن مستقبل بــراق للأطفال والمراهقين من مكونة لحراطين المنحدرين من أسر سبق ان تجرعـت ويــلات الدونية والاحتقار في محيط منحاز لمــلاك العبيد كان احـري بصائغي الوثيقة استشارة اخصائي في عـلم النفس قبل اطـــلاق العــنان لتسميات قــذرة وقعها على النفسانية اشد من جحيم الاستعباد والتي احـتوت عليها وثيقة المواطنة مثل: ( العبيد – الارقاء – ضحايا العبودية – العبيد السابقين) فالذاتية الزائدة مفسدة مطلقة فالتعاطف والشفقة التي تحلي بها المقرريـن والمناقشين اتجاه مكونة لحراطين حتي جعلوهم فريسة لحقوقهم من ناحية المسميات والمصطلحات المطالبة بالمساواة والتكافؤ في الفرص، فالاستهجان النامص ليس مطية لإحتقار الأخــرين حتي ينالوا حقوقهم المهدورة سلفا بإهانة النفس، فأي منفعة تحت يافطة الحقوق والعبودية والرق حتي يتقبل لحراطــين الاستفادة بهذه المسميات المقــززة للحرية والقادحة في شرف الإنسانية؟، فكل السود من الارقاء والعبيد سابقين استفادوا من حقوقهم في دولة المواطنة دون حمل تلك الأسماء والمسميات القــذرة، فما المانع من الاستفادة باسم مكونة لحراطين كما استفاد منها الزنوج والبيـظان وغيرهم من المكونات الأخرى في كل انحاء العالم مثل: السود في أمريكا واروبا وأستراليا ان الوثيقة لا تصاغ لمكـونة لحراطين وحدها، مثلا ففي المغرب والجزائـر ظـلـوا حــراطـين حتي وهم اقلية فكيف نقبل بالتسميات المقـززة ونحن أكـثـرية؟؟ إن جميع مكونات الطيف الاجتماعي المشاركة في صياغة الوثيقة امتنعت عن الاستفادة باسم جارح للعرض وقادح للشرف لمكونتها وهم يصغـون مسودة حقوق وتكافؤ اجتماعي ستضمن للأجيال اللاحـقة والقادمة صون ماء الوجه من العار والخيانة والدونية وإن تركتم لهم الاستفادة ونيل الحقوق بأسماء ومسميات تدفع الى الشفقة والرحمة المـقــززة فهي خيانة عــظـمي تنضاف الى ظلم تاريخ العبودية الغاشم إن وسام شرف لحراطين في اسم ومسميات تصون كرامتهم فالأسود تصطاد بالقوة والصقور تصطاد بالعقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى