نص المقابلة التي أجرتها مجموعة هلا ريم الإخبارية مع الدكتور الشيخ محمد فاضل ولد أكوهي أخصائي الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والإدمان بمستشفى ابن الحسن بمدينة فاس بالمملكة المغربية
هلا ريم الإخباري : في رده على السؤال المرتبط بالتأثيرات النفسية المترتبة عن فيروس كورونا عند الناس بصفة عامة وعند كبار السن والأطفال بصفة خاصة ؟
رد الدكتور قائلا : بخصوص هذا التساؤل فالعالم اليوم من المعروف أنه يعيش جائحة أربكت حسابات دول معروفة بإمكانياتها المادية سواء كان على الصعيد البشري المتمثل في الكادر الصحي والعلمي أو على مستوى المنشآت والإمكانيات المادية الأخرى من تجهيزات إلى آخره ، طبعا هذا الفيروس الذي جعله يكون مربكا ويثقل كاهل النظم الصحية في العالم هو أنه فيروس جديد على الساحة والمعلومات بخصوصه شحيحة جدا وفيروس لا زال يعتمد على الأسلوب المخادع بحيث كل مرة تظهر معلومة أحيانا تتأكد وأحيانا تلغى وهذا ما أركب المشهد بشكل عام بطبيعة الحال أن الإنسان مهما كان فأي ظرف يعيش فيه يتأثر به بشكل أو بآخر على صعيد الاستقرار النفسي لديه ، وهذا التأثير النفسي له عدة أجزاء هو طبعا منشأه أو سببه هو أن هناك خوف يتمثل في القلق أو التلوجس أو الحيرة وعدم تمني الإصابة بالفيروس وهذا طبعا رد فعل طبيعي لأنه هناك العديد من المعطيات التي جعلت هذا الخوف مبررا نوعا أولا بسبب كم المعمات والمشاهد والأخبار التي من هنا ومن هناك والتي ملأت الإذاعات والتلفزيونات ووسائل التواصل الاجتماعي ولكن بشكل متناقض ، وهذا طبعا أدى إلى ظهور هلع لأن هذا الفيروس المعروف أنه سريع الانتشار فيما يتعلق ببعد العدوى ولكنه سريع الانتشار فيما يتعلق بالخوف منه فهو فيروس سبقه بأشواق عديدة الخوف منه والهلع من الإصابة منه وانقسم هذا الخوف إلى نوعين إلى خوف حميد فالخوف الحميد هو الذي يجب أن لدى جميع الناس وأن يتحلى به الجميع لأنه يعتبر من ميكانزمات الدفاعات الذاتية عند الإنسان لأنه سيحمي نفسه بها وهذا الخوف يجب أن يتناسب منطقيا مع السبب المخيف وهو مطلوب ومرغوب ويجب أن يكون لدينا ونلجأ إليه من أجل حماية أنفسنا من كل المخاطر التي يمكن أن نتعرض لها ويتجسد ذلك في تقيدنا بالإرشادات الوقائية وإرشادات السلامة من تباعد جسدي ، فأنا لا أحب أن أقول تباعد اجتماعي نتيجة لسلبية الفكرة فالعكس صحيح حيث يجد أن يبقى التقارب الاجتماعي موجودا نظرا لما فيه من دعم نفسي انطلاقا من الرابط الاجتماعي الذي هو وسيلة حماية قوية وفعالة وأيضا بغسل الأيدي واتباع وسائل النظافة واستخدام المعقمات والمعطرات وعدم لمس المداخل التي يمكن عبرها الفيروس إلى جسم الإنسان كالفم والأذنين والأنف …إلخ وكذلك احترام الحجر الصحي واحترام الإرشادات المتعلقة به وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى لأنه هذا الفيروس فعلا فيروس خطير وفيروس لاتزال المعلومات شحيحة بخصوصه ولكن على الأقل وسائل الوقاية ولله الحمد متاحة للجميع وفعالة أيضا يعني إذا تقديد الناس بهذه المسائل ستكون فعالة هذا التقيد بوسائل الإرشاد والوقاية هي التي تدخل في إطار الخوف الحميد الذي يجب أن نعيشه وأن يتوفر لدينا كبشر بشكل عام أما الخوف الغير حميد أو االخوف المبالغ فيه هو الذي يمكن أن يصل للدرجة المرضية وهو الذي يصل لدرجة الفوبيا لدى الأطباء النفسيين والذي دائما يؤدي لخلل واضح وبين في قدرة الإنسان على ممارسة ووظائفه الحياتية المعتادة على مستوى علاقاته الاجتماعية وعلى مسستوى عمله وعلى مستوى عطائه الدراسي وهذا النوع يجب العمل ويجب التركيز والاحتياط والحذر من الإصابة به والعمل على الوقاية منه لماذا ؟ لأن هذا الضغط النفسي والتوتر الشديدين فقد يكوونا سببين من الأسباب التي يمكن أن تجعلها معرضين لخطورة الإصابة بالفيرويس لآن الخوف والقلق من المسائل المضعفة للمناعة زالمناعة النفسة تضعف المناعة العضوية والمناعة العضوية ستضعف قدرة الجسم الدفاعية لمواجهة المخاطر المتمثلة حاليا وآنيا في فيروس كوروناوبالتالي ستكون هناك صعوبة في مواجهة المرض وهذا هو ما نخشاه جميعا.
وفيما يتعلق بذكرك لكبار السن والأطفال وعلى هذا الأساس هناك بعض الإرشادات أو الخصوصية التي ينبقى أن ننطلق منها أو نشير فعلينا أن نفهم أن ردات الفعل الموجود عند الأطفال التي يمكن أن تكون ناتج عن ضغط نفسي معين أو خوف تأخذ الكثير من الأشكال المتنوعة فيها ما يتراوح ما بين زيادة في سلوك التعلق لديهم أو من ناحية أخرى مشاعر القلق أو الهيجان بحيث يشعر الوالدين أن الطفل أصبح متعلق بهما بشكل غير طبيعي وهو ما يخلق لديه خوف وقلق وهناك أغراض أخرى تجعلنا ننتبه أن الطفل الصغير يعيش قلقا معينا هذا العرض يتمثل في التبول ألا إرادي وهو ما يفرض علينا التدخل في الوقت المناسب من أجل مساعدة هذا الطفل لكي يشعر بالأمان ويشعر بالراحة بإعطائه نوع من الحب والحنان الذي يمنحه له والديه و ومنحه الوقت الكافي للتواصل معه بالشكل المناسب وفعال طبعا يجب أيضا الإبقاء على الأطفال قرب ذويهم وعدم إبعادهم عنهم لأن ذلك سيوطد العلاقة بينهم ويزيد من نسبة الأمان لديهم ، وهناك مسالة أخرى مهمة وهي كيف يمكن أن نحدث الطفل حسب مستواه وحسب إدراك ان هذه الجائحة التي يعيشها العالم اليوم ، طبعا يجب أن نقدم له حقائق حول هذا الوضع الذي يعيش فيه ولكن بشرح مبسط لما يجري ونقدم له معلومات واضحة حول كيفية الحد من خطر الإصابة بالمرض ونشرح له وسائل الوقاية ووسائل الحماية والإرشادات المرتبطة بالسلامة بكلمات مبسطة يمكن فهمها وفقا لهمر الطفل وقدرته الاستيعابية وهذا يتضمن إعطائه معلومات بطريقة مطمئنة ويجب أن نفهم أن ما سيشعر به أحد أفراد الأسرة سيتأثر به الطفل إذ أن الأطفال يأخذون تلك الدلالات الشعورية لديهم من البالغين الموجوديين بحياتهم وبالتالي يجب أن تكون ردة فعل البالغين على الأزمة مناسبة جدا وأن يتعاطوا مع مشاعرهم وقلقهم بشكل متزن ومضبوط لكي يحافظون على هدوئهم أمام الأطفال لكي لا يكونوا سببا في زيادة التخوف لديهم وأن يتواصلوا بلطف وامتنان .
وفيما يتعلق بفئة كبار السن يجب منحهم عناية خاصة نظرا للكثير من الاعتبارات الدينية والقيم والإنسانية فمن خلالها أن كبار السن كغيرهم من الفئات العمرية لديهم تفاعل مع أخبار الوباء وانتشاره الذي يشهده العالم ومن الطبيعي أنهم يستأثرون ذاتيا وسلوكيا وذهنيا بسبب هذه الأخبار وبسبب هذه الجائحة وظروفها وهنا بالذات أتحدث عن الفئة الأكبر من 65 سنة التي هي الفئة التي تصنف عالميا أنها من فئة كبار السن لأنهم هم الأكثر عرضة للتأثر من غيرهم بهذه الجائحة وهذا ما يجعلنا بحتاج للمزيد من الجهود والتعاون والتكاتف لحمايتهم من أجل تجاوز هذه الأزمة بأقل الأضرار الممكنة لماذا لأن هذه الأزمة تأثيرها على كبار السن له طابع خاص وكبير جدا لأنها أولا ستحد من التواصل الاجتماعي بينهم لأن كبار السن في الأصل من الفئات العمرية المهم لديها التواصل الاجتماعي ويعتبر عاملا مريحا بالنسبة لهم ولأن هذه الفئة أيضا من أشد الفئات حاجة للدعم الاجتماعي والتواصل مع الآخرين وبما أن التوصيات المرتبطة بهذا الفيروس كإرشادات للسلامة تمنع الصلاة الجماعية تمنع الأماكن التي تمارس فيها الرياضة الجماعية تمنع التجمعات العائلية وتمنع حتى زيارة المشافي والمطاعم والنوادي .. إلخ وبالتالي سيكون تاثير كل هذه المعطيات بالجملة بالغا علىهم خصوصا أن هناك بعض الاماكن التي لها طابع شعائري كانوا هم من أكثر القئات التي تزورها وأيضا حياة كبار السن ترتكز بشكل كبير على التواصل مع أسرهم وأحفادهم والقيام بدور معين معنوي ورمزي في تربية الأطفال ، فالأطفال غالبا ما بكونون في حضانة الاجداد وبما أن الأطفال من الوسائل التي يمكن أن تنقل المرض لكبار السن يجب أن يكون هناك نوع من الفصل بينهم ولكن هذا في حد ذاته له تأثير عليهم لأن كبير السن أعتاد على ذلك الدور المتمثل في حضانة الأحفاد وعندما يفقده فإن ذلك سيترك لديه شعورا بفقدان القيمة والتوتر وهذا له تأثيرات نفسية تفرض علينا أن ننتبه لها لأن فيها بعدا إنسانيا شديد الأهمية وللأسف الشديد الكثير من الناس لا ينتبه له ، فهذا البعد يتمثل في مساهمة الإعلام والإحصائيات ووالتعاطي الإعلامي مع فئة كبار السن على أساس أنها الفئة الأكثر هشاشة والأقل حصانة ومناعة لمواجهته وهذا إنسانيا يجب أن ننتبه له لأننا إذا نجلس أمام كبار السن ونردد أمامهم هذه الكلمات المؤذية لنفسياتهم ، مؤذية لأملهم ، مؤذية لاستقرارهم وتوازنهم فهذا حتما سيرفع من منسوب الخوف لديهم والقلق خصوصا في حالة تكرار هذه المشاعر دون الأخذ بعين الاعتبار نفسياتهم لماذا؟ لأنها فئة تشعر بإنهاك وبالضعف في القدرات الذهنية والنفسية والعقلية فالأمر طبيعي بسبب تراكم السنين ، فالجسم البشري مع الزمن تنقص قدراته ومؤهلاته والبعض قد لا تسمح له قدراته المعرفية باستيعاب مجريات الأمور والمحيط وهذا يجعل الشخص المسن يشعر بتغيير في روتين حياته اليومي ونظامه الحياتي وبالتالي فإن هذا يؤثر عليه وهذه هي الامور يجب ان ننتبه لها ونحسب لها الحساب.
كانت هذه جزئية مقتطفة من نص المقابلة التي أجرتها مجموعة هلا الإخبارية على شبكة التواصل الاجتماعي “الواتساب” في وقت سابق مع الدكتور الشيخ محمد فاضل ولد اكوه أخصائي الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والإدمان بمستشفى ابن الحسن بمدينة فاس بالمملكة المغربية في وقت سابق، والتي ارتبطت أساسا بالتأثير النفسي لجائحة فيروس كورونا الذي هز العالم بأسره وفرض الكثير من القواعد والشروط على المجتمعات في كل أنحاء العالم وتسبب في وفاة ما يزيد على ربع مليون شخص وإصابة مليونين ونصف المليون شخص لحد الآن .
ونهب من حكومتنا الاستفادة من القامات والكوادر الصحية والأدمغة التي هاجرت الوطن ليستفيد الآخر من قدراتها ومواهبها وعلومها وخبرتها ، مع ارتباطها الشديد بالوطن فالدكتور جزاه الله خيرا يقوم بشكل مجاني بالرد على أسئلة المواطنين في مجاله وتخصصه عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي و على الجهات بذل الجهد لاستعادة هؤلاء الكوادر والاستفادة منهم عن قرب.